طريق السماء


    اصطفت مباني الحي فشقَت في السماءِ طريقًا، طريقًا ممتدًا لا نهايةَ له ولا حواجز فيه، قابله على الأرضِ طريقٌ تتبعته بأعيني حتى اصطدمت في آخره ببابٍ حديدي أَسوَد مُوصَدٍ بجنازير، فغط عقلي في التأملِ ونَسَجَ مُفَارَقَةً رومانسيةً بينَ الأرضِ والسماءِ، وانتبه إلى أمر: ليس في السماء أي مفترقات طرق. 

    طريقٌ واحدٌ في السماءِ بلْ هي نفسُها طريقٌ واحد يُوصِلُك إلى مكانٍ واحد، حقيقةٍ واحدة. الطريقُ واحدٌ وإن تباينت الأوقات والفصول التي تَشْهَدُها السماءُ ونَشْهَدُها نحنُ معها، فحين نُمعِن النظرَ إليها في لحظاتِ صفائِها وحُنُوِها نُغمِض أَعْيُنُنَا قليلًا متمتمين: سبحان الله أو يا رب، أو أي ذكر على قلبِك تمدح فيه الرب وتُجله وتُعظمه. وحين تضطرب السماءُ فتُرعد وتُبرق وتُمطر ويتعكر صَفُوها وتختلج قُلُوبُنا، نحاول أن نتجرأ فنختلس النظرَ إليها مُرتعدين خوفًا مُستغيثين: اللهم صيبًا نافعًا... اللهم لا تقتلنا بغضبِك ولا تُهلِكُنا بعذابِك وعافِنا قبل ذلك... وغيرها من الصلوات، الصلات. 

    إذًا فطريقُ السماءِ بسعتِه وامتداده، على عكس طُرق الأرض جميعها، يخلو من أي حواجز ومفترقات طُرق مادية كانت أو معنوية، فحين تطأ أعْيُنُكَ طريقَ السماءِ في أي وقت يصل بك مباشرةً إلى خالقِها.

Mariam Essam | LinkedIn

For more works, visit: Mariam Essam Mohamed: Contently







Comments

Popular Posts